أوقفت عناصر المركز الترابي للدرك الملكي بالفقيه بن صالح، أول أمس الأربعاء، مشتبها فيه بارتكاب مجزرة في حق قريبتين من عائلته بعد أن انتابته حالة هستيرية أفقدته التحكم في تصرفاته رغم علاقته الجيدة مع الضحيتين اللتين فوجئتا بالهجوم والاعتداء عليهما بعد استعانته بأداة حديدية لتنفيذ جريمته.
واستنفرت مصالح الدرك الملكي قواتها لإيقاف المعتدي الذي لاذ بالفرار بعد ارتكابه جريمته إلى وجهة مجهولة، لكن التحريات الدقيقة لفرقة الدرك الملكي التي انتقلت إلى مسرح الجريمة والاستماع إلى أقوال الشهود، سرعت وتيرة إيقاف المتهم ساعات قليلة بعد ارتكابه الجريمة في حق جدته وعمته، ليتم وضعه تحت تدبير الحراسة النظرية لفائدة البحث في انتظار إحالته على النيابة العامة المختصة فور انتهاء إجراءات التحقيق .
وانتشر خبر المجزرة بين ساكنة الجماعة القروية لكريفات بضواحي الفقيه بن صالح التي أفزعها هول ما اقترفته يدا منفذ الجريمة في حق جدته وعمته، ويتعلق الأمر بشاب ثلاثيني، كان يعيش ظروفا صعبة بعد أن قضى طفولة معذبة تميزت بحرمانه من حنو والدته وعطف والده الذي غاب عنه في ظروف صعبة ما عرضه لضغوطات نفسية تراكمت أحداثها لتفرز لديه شخصية فصامية، رسمت نهاية مأساوية لضحيتين كانتا الأقرب إليه عاطفيا بعد أن عوضتاه الفراغ العاطفي الذي عاناه منذ مدة، لكن لم تفلحا في منحه جرعة الحنان الكافية التي تضمن له الاستقرار النفسي والعاطفي.
ولم تحل فصول الحرمان الذي عاشه الشاب من أن ينحت لنفسه حياة من صخر، ليصبح تاجرا بسيطا يشتغل طول اليوم من أجل ربح مبلغ مالي كان يوفر بعض متطلباته اليومية بمعية الضحيتين اللتين كانتا على اتصال مستمر معه ويعيشان في وئام رغم بعض المشاكل العابرة.
وبعد أن تفاقمت مشاكله النفسية التي لم يستطع كبح جماحها، وفق شهادات، أقدم الشاب المعتدي الأربعاء الماضي بعد أن انتابته حالة هستيرية حولته إلى شخص عدواني، على مهاجمة جدته باستعمال أداة حديدة حادة مسددا لها عدة ضربات أصابتها في الرأس محدثة جروحا بليغة، لتسقط أرضا مدرجة في دمائها فاقدة الوعي، ولم يثن مشهد الدماء التي سالت من رأس الضحية عزم المعتدي الذي واصل اعتداءه على قريبتيه، ولاحق عمته التي فرت خارج البيت بعد أن أدركت الخطر الذي يتهددها، ورغم استنجادها ببعض المارة لإنقاذ حياتها أصابها المعتدي إصابات متفاوتة الخطورة في رأسها وأدنها ويديها، قبل أن يطلق ساقيه للريح، مرددا كلاما مبهما لم تلتقطه أذن الجيران الذي تملكهم رعب شديد لهول المجزرة التي اقترفها دون سابق إنذار في حق الضحيتين.
وبعد انتقال فرقة للدرك الملكي إلى مسرح الجريمة، تم نقل الضحيتين إلى قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الجهوي لبني ملال قصد تلقي العلاج، وتم وضع الجدة بقسم العناية المركزة جراء حالتها الصحية الحرجة، في حين خضعت عمته لعمليات علاج مكثفة ورتق جراحها البليغة للحيلولة دون سيلان دمائها.
وأفادت مصادر مطلعة، أن الشاب المعتدي كانت تبدو عليه حالات انطواء كان يداريها بقربه باقترابه من الناس والتواصل معهم، لكنه كان يخفي جرحا غائرا في دواخله وجبالا من الألم النفسي بسبب المشاكل التي كان يعانيها بعد انفصال والديه وزواج أمه برجل آخر، واختيارها السفر معه خارج أرض الوطن، وما زاد الطين بله أن والده القريب منه عاطفيا لقي مصرعه غرقا في البحر، وفق المصادر ذاتها، ما زاد من تفاقم مشاكله النفسية التي تحولت إلى أمراض ذهانية كبرت معها هواجسه وهذيانه المرضي.