الشهيد احماد أحنصال ينفذ عمليتين في يوم واحد مابين إغرغر وبين الويدان
ترجمة وقراءة لمقال صحفي يغطي تفاصيل الحدث بعيون استعمارية تشوه العمل النضالي لأسد تزركونت
ترجمة وقراءة – ذ.عبد العزيز رتاب
وأنا أبحر في مواقع قد تقودني إلى ما وثقه الفرنسيون من صور ومقالات خلال مرحلة بناء المركب الهيدروكهربائي وفلاحي بين الويدان وأفورار بإقلي أزيلال إبان الحماية ومرحلة عودة الكفاح المسلح، عقب نفي الملك الراحل المغفور له محمد الخامس، استوقفتني وثيقة هي عبارة عن تقرير صحفي صادر عن جريدة فرنسية لاتحمل الوثيقة اسمها، مثلما لا تحمل توقيع مبعوثها، صاحب هدا التقرير الإخباري الذي تناول وقائع عمليتين في ذات اليوم للمقاوم الشهيد حماد أحنصال، قمت بترجمته تعميما للفائدة مع قراءة موجزة تقف على غلو كاتب التقرير الصحفي كفركسي معمر في ذاتيته الاستعمارية من خلال الصورة المشوهة التي ألصقها يالشهيد حماد أحنصال.
التقرير الصحفي يضعنا في صور من حالة الاستنفار القصوى التي أعلنها الكمندار-كوماريت- المسؤول عن دائرة واويزغت، والدعوة الى انعقاد مجلس للحرب بأفورار في ذات اليوم، واستقدام جيش الكوم من أزيلال لتطويق جبل تازركونت وتمشيطه من كافة الجهات في اتجاه عمود في القمة، في حين لم تساعد أحوال الطقس طائرة نادي الطيران من التحليق على علو منخفض لرصد مكان تواجد الشهيد احماد أحنصال.
مثلما يحكي تفاصيل وحيثيات العمليتين معززة بمقال، أنها أقوال شهود ومصادر متطابقة تفتح أكثر من سؤال حول صحتها.العملية الأولى خلفت مقتل المعمر السيد –ديبورغ ورفيقتة. أما الثانية فقد نجا منها معمران يعملان في مشروع سد بين الويدان كانا في عودتهما إلى أفورار على متن دراجة نارية. وهما المعمران – كرينو- تقني كهربائي 25سنة، وزميله–دوردوني-27 سنة.
الصحفي كاتب التقرير ألصق بالمقاوم الشهيد حماد أحنصال أقبح النعوت، من مجرم قاتل إلى قاطع الطريق، واستعمل كل ما في جعبة قلمه لتشويه سمعته عند قال إنها مصادر متطابقة لروايات قد تكون انتزعت من شهود، كما تظهر الصورة المرفوقة للمقال، التي تجعل من الحنصالي قاتل نساء، وأنه أطلق بعد قتل –ديبورغ- طلقة عن قرب على وجه رفيقته ولم يكتف بذلك، بل أضاف أنه طعنها بسكين عدة مرات وفي عدة أماكن من جسمها.
غير أن ما يدفع إلى التشكيك في ما ورد في التقرير الإخباري من الوحشية والبشاعة الذي حاول صاحب المقال، من خلال حيثياته الدقيقة إلصاقها بالشهيد هو كونها تتناقض، وما تناقلته عنه الروايات الشفوية التي منها من ينفي كونه قتل المرأة الشابة، ومنها من يقر أنها المرة الوحيدة التي حدث فيها ذلك، و قد تكون عن غير قصد، لكونه أعتاد إخلاء سبيل النساء في عملياته، فما بالك أن يتم ذلك بالطريقة التي صوره بها كاتب هذا التقرير الإخباري، الذي يحمل أكثر من سؤال عن عدم ذكر اسم القتيلة، مثلما ذكر إسم رفيقها –ديبوغ- وكيف أن يطلق رصاصته عن قرب على امرأة دون الرجل، وما الداعي إلى طعنها بالسكين، إذا صح أنه أطلقها عن قرب وعلى وجهها، وهذه ترجمة لنص المقال الوثيقة. كانا قد شرعا في كتابة بطاقة بريدية تلقت المرأة الشابة طلقة بندقية عن قرب في وجهها الرصاصة، احترق الوجه بفعل مسحوق البارود تحت أنفها، جسدها يحمل عدة آثار جروح ارتكبت بواسطة سلاح أبيض، وحسب ملاحظة السيد- بيركولا-لا يتضح أنها –بايونيت-.بجانب الجثة(مفرد) ما زال دخان النار الصغيرة ينبعث وعلبة مصبرات، وبطاقة بريدية تحمل فقط عنوان والدي الرجل الشاب –فيكومت وفيكومتس ديبورغ.
هذه حسب مصادر متطابقة وقائع الحدث، إذ فاجأ (القاتل) السيد ديبورك ورفيقته بعد توقفهما بجانب الطريق من أجل نزهة، أطلق في البداية النار على الرجل فأصابه في اليد، وبينما كانت المرأة الشابة تحاول بمنديل ايقاف نزيف ذراع الجريح تحث أعين (القاتل)، أطلق هذا الأخير رصاصة ثانية، وضعت حدا لحياة السيد ديبورك، إقترب (قاطع الطرق) وأطلق عن قرب رصاصة على وجه رفيقته وبمجرد وقوعها على الأرض شرع في طعنها بالسكين، ثم انطلق نحو الجبل.
(جريمة القتل) وقعت على الساعة الثانية بعد الزوال، مثلما تشير اليه الساعة المتوقفة للمرأة الشابة، لكن الجثتين لم يتما اكتشافهما حتى الساعة الخامسة والربع، في نفس التوقيت سمعت عن بعد نداءات منبهات صوتية لوصول الكاهن العسكري لبين الويدان إلى مسرح الجريمة، ليصرح “لقد سمعت قبل قليل طلقات نارية على مقربة من المكان “.
في نفس اللحظة تقريبا، انحرف راكبا دراجتين ناريتين السيد- كرينو- تقني كهربائي 25سنة، وزميله السيد –دوردوني- 27سنة، كنا في طريقنا الى أفورار، يحكي السيد دوردزني، كنت جالسا في الوراء، فجأة رأيت على يميني من جهة الجبل مغربيا جالسا على قارعة الطريق، يبدو أنه كان يقوم بدور المراقب، على بعد شخص آخر يقطع عرش شجرة بموسى لامعة وكأنها آلة قطع، لكنى لم أعر الأمر أي اهتمام، ثم نظرت من جديد أمامي في اللحظة دوت طلقة نارية، أطلق علينا النار من مسافة 40 متر، وزاد كرينون في سرعة الدراجة النارية، المنعرج حجب عنا بعد رؤية القاتل، بعد ذلك وجدنا أنفسنا من جديد على مرآى منه على بعد حوالي 250متر، رأيت أنه يستهدفنا، يأخد وقته ويصوب، حركة خاطئة من كرونون رمتنا على الأرض، قمنا سالمين، رفعنا الدراجة النارية، لكن استحال علينا إعادتها على الطريق، الرجل لازال ينظرالينا، وأخيرا تنطلق الدراجة. عشرة آلاف رجل لتمشيط تازركونت
أعلن الكومندار كوماريت المسؤول عن دائرة واويزغت حالة الطوارئ بالجهة وقاد دورية من ثمانية مخازنية، فيما توجه مجندو الكوم من أزيلال في طريقهم الى أفورار، وأقلعت طائرة نادي الطيران لاستطلاع أجواء المنطقة غير أن الظروف الجوية منعتها من التحليق على علو منخفض، لتعود مع اقتراب الليل دون العثور على اي مشتبه. في ماعدا ذلك، فالوقت يتزامن مع عودة القرويين من أسواق أزيلال، وعلى الطريق شبه خالية ساعات من قبل، هناك الآن آلاف المغاربة، فكيف يمكن التعرف من بينهم على مواطنهم الذي يرتدي نفس لباسهم ويحلق شعره مثلهم؟
مجلس للحرب ينعقد في أفورار على الساعة السادسة والنصف مساء، ويقرر تطويق جبل تازركونت وتمشيطه في اتجاه قمته، حيث نصب عمود منظور عن بعد، لكن الامر يتطلب كثيرا من الرجال لإقامة طوق وسد مانع. الهاتف يرن بدون انقطاع غير أن مناداة القواد في يوم عيد يبقى أمرا صعبا.