الصهد ببني ملال يحرج ساكنة المدينة ويدفعهم للبحث عن ملاذات باردة
العين الإخبارية
تتعطل لغة الكلام بمدينة بني ملال في فصل الصيف، ويشد الصهد خناق ساكنة تعيش جحيما لا يطاق في الأيام الأخيرة، بعد أن بلغت درجات الحرارة مستويات قياسية لم تنفع معها لا مكيفات الهواء ولا قباء المنازل التي نفذت إليها الحرارة رغم تحصينها تفي جوف الأرض.
يتهافت الناس لشراء مكيفات الهواء من الأسواق التجارية الكبرى ومن المحلات التجارية، التي شهد رواجا منقطع النظير بعد أن نفذت مخزوناتها من مكيفات الهواء التي أصبحت عملة نادرة، وأصبح من سابع المستحيلات أن تقضي يوما واحدا ببني ملال بدون مكيف هواء، هذا الأخير يستطيع بالكاد تلطيف أجواء الحرارة، التي تشد أنفاس الأسر، التي لم تجد ملاذات آمنة للاستمتاع بنوم هادئ يعيد لها دفء الحياة التي أصبحت مستحيلة.
تحولت بني ملال إلى فرن كبير يشوي أفئدة ساكنة تتعرض لعذاب جماعي يومي إثر ارتفاع درجات الحرارة المفرطة التي شهدتها جهة بني ملال، وتصدرت على إثرها سلم الترتيب ب47.1 درجة بعد أن تعرضت مروجها وحقول الزيتون لاجتثاث كلي، وترك مساحات جرداء كانت تنعم بغطاء نباتي مهم، ساهم في تلطيف أجوائها، وبفعل الفاعلين الذين راكموا ثروات مالية مهمة، تحولت فدادين الزيتون والكروم والتين إلى بنايات إسمنية تخلو من عناصر الجمال.
لم يعلم هؤلاء الذين راكموا الثروات أنه رهنوا مصير مدينة أصبحت ساكنتها تعيش عذابا يوميا لا مفر منه، لم يجد الصغار فضاءات للترفيه عن أنفسهم بعد أن تم السطو على فضاءات خصصت لتصميم الحدائق، وتم تحويلها إلى مشاريع خاصة مازالت تشهد اليوم على جرمهم الذي يؤكد أنهم استغلوا مناصب المسؤولية واتخذوا قرارات غير منصفة في حق المدينة التي كانت تتميز بمناطقها الخضراء ، لكن تم القضاء عليها دون رحمة ولا شفقة.
تشهد مدينة بني ملال خلال الأسبوع الجاري حرارة قياسية، بعد أن تم تسجيل 48 درجة مئوية ما أدى إلى اختناق ساكنة المدينة، التي فضلت الهروب من منازلها التي تحولت إلى أفران تكوي جلودهم، والبحث عن فضاءات آمنة لحماية أبنائها من تداعيات الحرارة المفرطة..
لحسن حظ ساكنة المدينة، أن الفضاء الذي مازال يشهد على حضارة عريقة، ويتحول في فصل الصيف إلى قبلة للزوار، لن يكون سوى منتجع عين أسردون، وكذا منتجع بويعقوب الذي شهد إصلاحات جذرية، بهدف تأهيله وتحويله إلى مدار سياحي، يخفف العبء عن مرافق عين أسردون التي تتعطل بها حركة المرور، جراء استقبال عدد من الزوار الذين يبحثون عن ملاذات باردة تحميهم من حر ارة الشمس القائظة، ولتأمين انسياب حركة المرور تتجند شرطة المرور يوميا لتأمين عملية السير والجولان بالمنتجعين، وفسح المجال أمام الزوار للاستمتاع بببرودة تدغدغ أحاسيسهم وتضمن لهم، انخفاض درجات الحرارة أكثر ست درجات، مقارنة مع درجة الحرارة بوسط المدينة التي تبعد إلا بأمتار قليلة.
تأمل الأسر قدوم الليل للهروب إلى منتجع بويعقوب ، والاستمتاع بلحظات جميلة بعد قضاء يوم قاس تجرب فيه كل الوصفات لتخفيف درجات الحرارة التي لا تقبل التفاوض سوى الهروب إلى مدينة شاطئية تنسيها المعاناة اليومية التي تتكرر فصولها يوميا.
للأسف الشديد، يستغل بعض الشباب المتهور، حلول الظلام لفرض سيطرتهم على أمكنة تم تحريرها بعد تدخل خليفة القائد المكلف بالمدار السياحي لعين أسردون الذي ما فتئ يبذل جهودا كبيرة لإعادة الأمن والأمان للمنتجع ، ورغم تدخلاته الزجرية، ووجود علامة المنع المثبتة أمام مدخل المدار السياحي بمحاذاة سيدي بويعقوب، تنطلق الدراجات النارية وسيارات بعض الخارجين عن القانون بسرعة جنونية، مقلقة راحة زوار المنتجع الذين يبحثون عن السكينة، ويهربون من الضجيج اليومي الذي يتسبب فيه شباب تنعدم لديهم المسؤولية، ويخرقون القانون مستغلين الظلام الدامس للتعاطي للمخدرات التي تتسبب أحيانا في مشاكل تضر بسمعة أسرهم.
لم تعد شلالات عين أسردون وفضاءاتها التي أصبحت في حلة جديدة بعد تأهيل مرافقها بتخصيص غلاف مالي مهم من قبل ولاية جهة بني ملال خنيفرة، كافية لتلبية تطلعات زوارها الذين يبحثون عن فضاءات للاستمتاع بالطبيعة وبرودة المكان الناجم عن الرذاذ المتطاير، ما استدعى البحث عن فضاءات أخرى لتخفيف العبء عن منتجع أسردون ، وخلق متنفس جديد لاستقطاب الأعداد المتزايدة من السياح المحليين والأجانب إلى مدينة بني ملال، ولتحقيق ذلك، ستشرع ولاية بني ملال في تنفيذ إجراءات نزع الملكية، لعقار كبير يضم مساحة كافية لخلق متنزه جديد يضمن لساكنة المدينة الاستفادة من خدماته، ويساعدهم على التخلص من الحرارة المفرطة التي تشهدها المدينة في فصل الصيف، ناهيك عن تأهيل الحديقة الأولمبية التي تتميز بطبيعة خلابة تفضي مرافقها إلى عمق عين أسردون التي تبقى معلمة طبيعية تشهد على حضارة، خلفت تراثا ماديا يشهد على حقبة تاريخية متميزة عاشها بلد المغرب .