أخبار جهوية

فاجعة بقصبة تادلة بعد ورود أخبار عن غرق عدد من شاباتها وشبابها في البحر

العين الإخبارية

تخيم سحابة حزن كئيبة على سماء مدينة قصبة تادلة، منذ الجمعة الماضي، بعد انتشار خبر غرق 18 شابا وشابة، كانوا على متن قارب يمخر عباب البحر نحو الضفة الأخرى، لكن جرت رياح البحر بما لم يشتهه القارب الذي كان يقلهم، ولا رغبات ركابه الذين وجدوا أنفسهم وجها لوجه أمام الموت المحتوم.

وتحدثت مصادر عن مقاومة الضحايا شبح الموت الذين باغتهم الموت، بعدما غمرت المياه قاربهم، وغار في أعماق البحر، وكانوا يمنون أنفسهم بالوصول إلى الضفة الأخرى، بعد أن ضاقوا ذرعا في مدينة أقبرت أحلامهم، إثر انسداد أبواب الأمل في وجوههم، وانعدام فرص العمل التي كانت توفرها بعض المعامل التي أغلقت أبوابها، وظل شباب المدينة يواجهون تداعيات العطالة، وشبح الموت اليومي الذي يتسرب إلى نفوسهم كل صباح، تعمقه رتابة وبؤس قاتلة بمشاهدهما المقرفة.
ووردت معلومات لأسر الضحايا بعد انقطاع الاتصال بالمهاجرين السريين مع عائلاتهم، تؤكد وقوع الفجيعة، وتحولت المدينة الهادئة التي كانت تستعد لانطلاق حملتها الانتخابية إلى مناحة كبيرة، لا تسمع فيها إلا نحيب الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكابدهن، ولم ينعمن بقبل فرص الوداع الأخير.

وانتشر خبر الفجيعة عبر مواقع للتواصل الاجتماعي، ونشرت بعض المواقع المحلية صور الضحايا الذين يقدر عددهم بحوالي 18 شابا من بينهم 6 فتيات، بذلوا جهدا لتوفير ما قيمته 40 ألف درهم  لتسليمه إلى شبكات تنسق مع مافيا الهجرة السرية، التي كانت تتحين فرص إغراء الشباب والشابات في قرى ومدن الجهة، وتحث الضحايا على ركوب المغامرة، والهروب من مدينة لم تمنحهم سوى اليأس ما يدفع الشباب، الذين أنهكهم طول الانتظار، لركوب أمواج البحر العاتية، لعلهم ينعمون بحياة أفضل، يستعيدون فيها إنسانيتهم وكرامتهم.

وتفيد العطيات الأولى، أن الضحايا المفقودين في عرض البحر منذ الثلاثاء الماضي، تتراوح أعمارهم ما بين 17 و27 سنة، 12 منهم يتحدرون من مركز قصبة تادلة بإقليم بني ملال، أما الآخرون فيتحدرون من ضواحي المدينة، ويعتقد أن رحلتهم انطلقت من مدينة قصبة تادلة قبل أيام، نحو مدينة أكادير، وتمت العملية في سرية تامة، بعدها أعدت العدة لركوب البحر إلى جزر الكناري ، قبل أن يتلقوا وعودا بوصولهم إلى بر الأمان على متن قارب مطاطي، لكن القدر المحتوم كان يخبئ لهم مفاجأة غير سارة، بعد أن انقلب القارب ، لوجد الضحايا أنفسهم أمام الموت، وبذل الغرقى جهدا لإنقاذ أرواحهم، قبل أن تتدخل شرطة خفر السواحل الإسبانية لمد يد المساعدة إلى الناجين، ونقلهم إلى مراكز الإيواء، في انتظار استكمال كافة الإجراءات القانونية.

وتحول الحادث المؤلم إلى تراجيديا إنسانية مفعمة بالألم، بعد أن علمت العائلات تعرض القارب الذي كان يقل أبناءها لحادث مفاجئ، بعدما كانوا يحلمون بحياة كريمة في بلاد المهجر، واختاروا طريق الهجرة السرية غير الموفق، ليتحرروا من  الظروف القاسية التي يكابدونها يوميا.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعض صور الضحايا، بالإضافة إلى صور خيم العزاء التي نصبتها العائلات، لتلقي التعازي في فقدان فلذات أكبادها الذين مازال مصير بعضهم مجهولا في ظل شح المعلومات المتوفرة لحد الآن.

وما تزال عائلات الضحايا تترقب كل ساعة، توصلها بمعلومات دقيقة ومحينة عن الناجين، وعدد الضحايا  والمفقودين الذين لم تنتشل جثتهم من البحر لحد الآن، فضلا عن مآل التحريات والأبحاث التي تقوم بها شرطة خفر السواحل الإسبانية التي تدخلت لإنقاذ الضحايا علما، أن أخبارا  تؤكد إأن بعضهم مازال على قيد الحياة بعد أن قاوم الأمواج العاتية، ولم يستسلموا للموت، بل تشبثوا بالأمل  إلى حين وصول فرق لإنقاذ.

وتلتمس الأسر المكلومة بقصبة تادلة التي تتوشح بلباس السواد، تدخل جهات عليا على الخط، لإحضار جثة أبنائها ودفنها في مثواها الأخير بقصبة تادلة، وتبديد الشكوك التي تراود الآباء والأمهات التي تتضاعف معاناتهم يوما بعد يوم.

وتضامنا مع أسر الضحايا، أوقفت، مؤقتا، بعض الأحزاب السياسية المشاركة في اقتراع 8 شتنبر المقبل بقصبة تادلة، واستأنفت حملاتها الانتخابية فيما بعد ، وأصدرت بيانات تضامنية مع الأسر لتخفيف بعض المعاناة عن الأمهات المكلومات اللواتي مازلن تمنين أنفسهن بعودة أبنائهن وبناتهن، وتنتظرن وصول أخبارا سارة تحدث المفاجأة، وتحفف عنهم الكابوس الجاثم على صدورهن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى