ثقافة وفن

محمود درويش في ذكرى رحيله انبعاث لمجد قصيدة الشعر العربي

ذكرى_رحيل_محمود_درويش / 9 غشت  2008 م
هل يحتاج منا محمود درويش كلمات لتأبينه ..؟؟ وهو الذي بادر لتأبين نفسه قبلنا جميعاً .. بل أكثر من ذلك .. هذا الشاعر الذي كتب كل شيء.. لم ينس أن يضع مراسيم جنازته كي لا يترك لأحدٍ التدخل في طقوسه المقدسة .. ولِـمَ لا يعد طقوسه وهو الذي مات قبل هذا مرة ورأى ما رأى ..ليكتب جداريته بحرفية الموتى ..!
قبل جراحة «القلب المفتوح» الأخيرة التي خضع لها في هيوستن،كان الشاعر قد أفلت من تجربتين صعبتين في هذا المجال. أصيب درويش بنوبة قلبية سنة 1984، وتعرّض لموت سريري: «توقف قلبي لدقيقتين، ولم يعد إلى العمل إلا بفعل الصدمة الكهربائية… رأيت نفسي أسبح فوق غيوم بيضاء، تذكرت طفولتي كلها، استسلمت للموت، ولم أشعر بالألم إلا عندما عدت إلى الحياة». المرة الثانية سنة 1998، كانت مختلفة: «كنت في بلجيكا، أعطوني شهادة دكتوراه فخرية من جامعة هناك، وعرّجت على باريس لإجراء فحوص طبية. قرر الطبيب إجراء جراحة عاجلة، فتحمست. رغم أن طبيب القلب اعترض على إجرائها لأن قلبي لا يتحمل، وبعد نقاش اتفق الطبيبان على خوض المغامرة. فدخلت غرفة التخدير وكانت آخر كلمة سمعتها من الطبيب «نلتقي» وبعدها نمت (…). لا أعرف ماذا جرى لكن بعد الصحو قيل لي إنني مررت بخطر الموت الحتمي، بل حتى جرى البحث في ترتيب جنازة. كنت غائباً، هذا لم يكن عذابي، كان عذاب أصدقائي».وتحت تأثير البنج راح الشاعر يهلوس يومذاك، حتّى خاف عليه أصدقاؤه من الجنون: «كنت مقتنعا بأنني لست في مستشفى، بل في قبو سجن، وبأن سجانيّ يعذبونني في كل يوم (…) وفي لحظة أخرى، رأيت نفسي جالساً مع رينيه شار، ورأيت المتنبي والمعري». تلك التجربة أوحت له بالـ «جداريّة» ..ثم استعادها أخيراً مع كتابه «في حضرة الغياب».                                                                              ___  
فيا موت !
انتظرني ريثما اُنهي تدابير الجنازة
في الربيع الهش حيث ولدت..
حيث سأمنع الخطباء من تكرار ما قالوا عن البلد الحزين
وعن صمود التين والزيتون في وجه الزمان وجيشه
سأقول: صُبُّـوني بحرف النّون
حيث تعبُّ روحي سورة الرحمن في القرآن
وامشوا صامتين معي
على خطوات أجدادي ووقع الناي في ازلي..!
ولا تضعوا على قبري البنفسج
فهو زهر المحبطين
يذكر الموتى بموت الحب قبل اوانه
وضعوا على التابوت سبعَ سنابلٍ خضراءَ إن وجدت
وبعض شقائقِ النعمان إن وجدت
وإلاّ فاتركوا ورد الكنائس للكنائس والعرائس..!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى