يتزامن حلول شهر رمضان ببني ملال مع الارتفاع المهول لدرجات الحرارة التي بلغت درجات قياسية مطلع الأسبوع الجاري، معلنة عن بداية صيف ساخن تتوارى في أساليب الدفاع الذاتية التي تتضاءل حظوظها بعد أن يتسرب الإنهاك والتعب إلى الأجساد التي تترقب حلول موعد الإفطار للتزود بمصادر القوة رغم تبعات الحرارة المفرطة التي تنهك قوة الصائم المتلهف إلى رطوبة تعيد للجسم طرواته وحيويته.
تصبح الحرارة بمدينة بني ملال جزءا من حياة سكان مدينة بني ملال الذين يضبطون ساعات زمنهم مع موجات الحرارة التي تضرب المنطقة بين الفينة والأخرى ، بل تفرض إيقاعا محددا بفعل الكتل الحارة التي تلبد أجواء منطقة سرعان ما تتحول إلى فرن ساخن، ما يدفع المواطنين إلى الهروب من جحيم الشمس التي يستعير لهيبها مع حلول فصل الصيف الذي يتكرر حارا عبر دورة زمن روتينية تطبع إيقاعات حياة الناس بتقلبات مناخية قاهرة، تعجز كل أسلحة المواجهة عن قهرها واستعادة طراوة الحياة في مدينة حرمها الهجوم الكاسح للإسمنت المسلح من أحزمة طبيعية كانت تكفي لتلطيف الأجواء ومنح الناس فرص عيش حياة هادئة وسط غابات الزيتون التي تكتنفها جداول مائية طواها النسيان.
يتوجس شباب مدينة بني ملال من مضاعفات الحرارة المفرطة التي تشل الحركة بكافة المجالات، وتدب الحياة من جديد ليلا في أوصال دروب وأحياء ا تعج بالهاربين من قيظ المنازل الذي يستوطن بيوتهم كرها مانحا إياهم فرصة الانفلات من جحيم الحرارة والاستمتاع بنسمات باردة تداعب وجوههم في غفلة من عيون الشمس النائمة في انتظار انبعاث يوم جديد يأمل فيه قاطنو المدينة أن تلين سياط الشمس التي تلفح أجسادهم بشظايا قائظة.
يهرب بعض الشباب الذين قادهم ذكاؤهم ونداء الحياة إلى الأسواق التجارية الكبرى بالمدينة للاستمتاع بطراوة الفضاء المكيف، وقضاء فترة أطول بين أروقة السوق بدعوى التبضع، ي حين أن آخرين يحتلون كراسي ينبعث منها خدر نوم هرب عن جفونهم ليالي كاملة بفعل حرارة الشمس المفرطة، لكن تحول أيادي حراس من إكمال نشوة حلم سرعان يتبخر بأوامر تحثهم على مغادرة الفضاء بعد أن تجمهر العديد من المواطنين داخل فضاء السوق معرقلين تحركات الزبناء الذين يعلنون عن تذمرمهم جراء تصرفات غير محسوبة العواقب لبعض الضيوف الذين احتلوا مساحات كبيرة من فضاء السوق.
وتدفع الرغبات الجامحة، عموم الأطفال والمراهقين إلى البحث عن فضاءات للسباحات وإطفاء لهيب الأجواء القائظة التي تجثم على المدينة، ليشدوا الرحال إلى الأودية المجاورة للسباحة والاستمتاع بالمياه الباردة القادمة من أعالي جبال الأطلس لتخفف عنهم وطأة خيبات ومتمنيات أجهضتها وعود السياسيين الذين راكموا ثروات لكن دون أن ينفذوا وعودهم التي دغدغوا بها مشاعر وأماني الشباب التي لم تتعد توفير مسابح داخل المدينة يلجون إليها عند اشتداد حرارة فصل الصيف.
وبعد كان المسبح البلدي بالمدينة أيقونة تثير فضول الشباب الذين يستمتعون بمياهه الباردة رغم الأعداد الكبيرة التي تنتظر فرصتها للعوم والسباحة، تحول إلى خراب بعد أن تقاسمته الأهواء السياسية ما دفع كل الراغبين في السباحة من أبناء المدينة إلى التوجه إما للمسابح الخاصة التي يتطلب الولوج إليها أداء مبالغ مالية ليست في طاقة أولياء أمورهم، أو ركوب مغامرة السباحة في القنوات المائية المجاورة التي تبتلع مياهها كل يوم ضحايا استغاثوا” من الرمداء بالنار” كما يقول المثل العربي.
لا يخلو يوم دون أن تسمع بوقوع فاجعة غرق في الأودية غير المحروسة التي تستقطب أطفالا وشبابا حرموا من مسابح في مدنهم ليرتموا بين أحضان الموت، ودون أن يتحرك مدبرو الشأن المحلي لوضع حد للمآسي والأحزان التي تتعرض لها أسر الضحايا.
و اهتزت مدينة الفقيه بن صالح أول أمس على وقع غرق طفل يبلغ من العمر 14 سنة بالقناة المائية سيدي حمادي بالفقيه بن صالح فضلا عن تسجيل حالتي غرق جديدتين بالمدينة، ويتعلق الأمر بطفل يبلغ من العمر 11 سنة توفي غرقا بمياه واد أولاد يحيا، في حين أن الغريق الثاني شاب يبلغ من العمر 16 سنة كان قضى نحبه غرقا بمياه واد أولاد بوخدو بالفقيه بن صالح.
وعملت عناصر الوقاية المدنية على استخراج جثت الضحايا ونقلها إلى مستودع الأموات بالمستشفى الجهوي ببني ملال من أجل إخضاعها للتشريح الطبي، فيما فتحت مصالح الدرك الملكي التحقيق في هذه الفاجعة المؤلمة.
وسجلت حالات غرق في أقل من شهرين وبالضبط قبيل انطلاق بداية فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة ، إذ عرفت جهة بني ملال خنيفرة أكثر من خمس وفيات للارتفاع والحصيلة مرشحة للارتفاع في غياب إمكانيات وضع حراسة ثابتة القنوات المائية الفلاحية المنتشرة في المنطقة.