“الصحافة لا تأكل أبناءها”طالب ممتن لصحافي يتنفس روح المهنة ويعشق مغامرة الكتابة … إنه طلحة جبريل هرم الصحافة المغربية

سعيد غيدَّى
أستاذي طلحة؛ عمتَ مساء ولعلك بخير حيث أنت الآن. مستلقياً، أو تتصفح الجرائد، أو تكتُب في مسائك، لا أعرف عادتك تحديدا، لكن هذا ما يجول في خاطري الآن.
لطالما تردّدت في أذهاني، وأذني، عبارتك التي لا تخجل أبدا، من كشفها، لكل من يسألك عن بدايتك الأولى، وكنتَ تقول، بكامل ذاكرتك: فلاح ضلّ طريقه إلى المدرسة.
هل انتهى فيك الفلاح حين جلست في مقعد الحجرة؟ لا أعتقد ذلك، الإنسان ابن أصله، لأن البيئات تتغير، لكن تبقى القرية الأولى، هي الأصل، العالم في الأصل قرية، ونحن أبناء القرية البررة، الذين يعودون إلى ظل الخروب، مهما سرقتنا المقاهي الكلاس، ومهما اندثرنا، أمام الواجهات التجارية، وأمام العمارات التي لا تكاد تنتهي.
هل بدأ فيك الصحافي حين كنتَ تتهجى الأبجدهوز؟ لا أجزم، ولكن ما أعرفه، وما سيخلد معي، وأنا طالبك، الذي حاول جاهداً، أن يحضر كل حصصك، وأن يشاغبك في الفصل، وأن يسألك، وأن يجادلك، وأن يناقشك، وكنتُ أمارس كل هذا، من منطلق أنني طالب صحافي، يقودني فضولي، وشغفي بالمهنة، لأجعل منك، ندّاً، دون أن أقفز على وظيفتك أستاذا لي.
ما أعرفه، أنك كنتَ معنا، ومعي شخصيا، ذاكرةً حيّة، ولا يحتاج مبتدئ في الصحافة، إلا ذاكرةً حيّة أمامه، كي يتقوى إيمانه، وكي يختبر فضوله وشغفه، وكيْ يتوسم في حدسه خيراً، أو يترجل عن صهوة فرس صاحبة الجلالة.
أكتب إليك في ختام كل شيء، لأقول لك شكراً، علّمتنا الأشياء التي ستخلد فينا، وستكون في يوم ما، المحك الحقيقي، لأي اختبار مهني، ولن أنسى، حين انتيهنا من مناقشة البحث، وقلت لنا، مرحبا بكم في المهنة، والآن صرنا زملاء. وما أكتبه لك الآن، ليس كلام زميل، بل مشاعر طالبك.
كان حظا كبيرا، أن درستنا، أن تقاسمتَ معنا لهفة المهنة، ومحطات مسارك فيها، وجلالة مواقفها، وما أعطتك من مكانة، وما أخذت منك من بلد.
شكراً أمام الملأ، وشرف المهنة، سنحمل المشعل، وسنكمل الطريق، فالطريق هي الطريقة، بتعبير الشاعر العربي الكبير، محمود درويش.
شكرا على كل شيء.
طالبك: سعيد غيدَّى