أخبار جهوية

الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي بالفقيه بن صالح في ندوة تحت عنوان “دور وسائل التواصل الاجتماعي في توجيه الرأي العام وصناعة القرار السياسي” من تأطير يونس مجاهد

حسن المورتادي

نظمت الكتابة الإقليمية للفقيه بن صالح في إطار سلسلة البرامج والأنشطة الإشعاعية التي دأبت على تفعيلها، لقاءا تواصليا، من خلال ندوة تحت عنوان “دور وسائل التواصل الاجتماعي، في توجيه الرأي العام، وصناعة القرار السياسي”.

من تأطير الأستاذ والصحفي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي الأخ يونس مجاهد.

وقد استهل اللقاء بكلمة تقديمية ألقاها الأخ الكاتب الإقليمي الأخ الزوبدي نور الدين أوضح من خلالها أهمية مثل هذه اللقاءات وآثارها كقيمة فكرية ومعرفية مضافة ومساهمة في تأطير المواطنين، وتمكينهم من ثقافة سياسية، وإغناء رصيدهم المعرفي، وكذا تكوين الحس النقدي لديهم، بهدف تحصين مقوماتهم الاجتماعية والسياسية، وتطوير تفاعلهم مع محيطهم الواقعي والافتراضي لما فيه خير لمسار البناء الديموقراطي والسياسي ببلادنا.

وكذلك يضيف الأخ الزوبدي نور الدين، أن مثل هذه المواضيع الآنية، والتحولات المتسارعة بشكل مستمر، تقتضي من كل الفاعليين وبالخصوص الفاعل السياسي، ملائمة برامجه وجعلها قادرة على مواكبة كل هذه المستجدات والمتغيرات في مجال التكنولوجية التواصلية، والثورة الرقمية، فضلا عن ضرورة تحديث أدوات الاشتغال، والـتأطير من أجل تنشئة سياسية، وتقنية، مندمجتين، قادرة على التجاوب والتناغم الإيجابي مع التطورات المسترسلة بالواقع.

وتناول الأخ يونس مجاهد في عرضه حول موضوع الندوة “دور وسائل التواصل الاجتماعي في توجيه الرأي العام، وصناعة القرار السياسي”. مختلف التأثيرات التي تحدثها مواقع التواصل الاجتماعي والثورة الرقمية بصفة عامة على حياة الناس جماعات وأفراد، وتجليات ذلك على سيرها وتواثرها المتسارع، على مستوى كل مناحي صناعة القرار، والتفاعلات، والتجاذبات التي تفضي إلى التأثير في بلورة الرأي العام وتوجيهه. واعتبر ذلك الأخ يونس مجاهد أن الأمر أصبح موضوع نعيشه، وهو موضوع متحرك، والكل يتفاعل معه في تطور متواصل. وما يترتب عن ذلك من ناحية أخرى من امتدادات فلسفية واجتماعية، وأخرى ذات الأبعاد السياسية، من خلال دراسة أثبتت علاقة وسائل الإعلام مع حواس الإنسان، حيث تصل هذه العلاقة إلى حد اعتبار الوسيلة الإعلامية “المديوم” أهم من المضمون والمحتوى، وكلمات المفتاح. سيما وأن الأنترنيت قد ساهم بشكل كبير في تغيير المفاهيم والعلاقات مع بورز تكتلات وقوات اقتراحية متعددة التوجهات، والانتماءات الاجتماعية، ويضيف الأخ مجاهد أن هذا التطور الهائل والذي بلغ الذكاء الاصطناعي فيه مستويات تكنولوجية جد دقيقة بلغت حسب الدراسات العملية المنجزة في هاذا الشأن إلى الوقوف على أن 54% من رواد ومستعملي مواقع التواصل الاجتماعي ليسوا مواطنين بل مجرد روبوطات مبرمجة.

وأشار تحديدا هنا إلى فضيحة ” كوكل أنا ليتيك” بعد ما قامت شركة بريطانية بالبحث في “بروفايل” 50 مليون وتوجيه الخطاب للناخبين، والكشف عن الحياة الخاصة للمواطنين، وهو ما دفع بإدارة المحرك إلى تقديم اعتذار في الموضوع. وإذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي قد وسعت من قاعدة بنيات مختلف التعبيرات، وإبداء رأي مختلف الشرائح والمكونات الاجتماعية، والـأقليات بكل انتماءاتها وعقائدها وميولاتها، وهي مداخل ذات أهمية في البناء الديموقراطي، فبالمقابل فإن الأمر لا يخلو من خطورة على هذا البناء، مع وجود حقيقي لقوىمالية وحكومية وتجارية مهيمنة، ومحتكرة لأهم مصادر التكنلوجية المعلوماتية والرقمية التواصلية المتمثلة في امتلاك أضخم المحركات، باستثمارات ذات رقم معاملات بملايين الدولارات، وهي بالطبع ليست محركات محادية، بل وسيلة تقوم باختراقات إعلامية كبيرة لصنع رأي عام وتوجيهه، وأعطى الأخ يونس مثال على ذلك بفضيحة الفايكنيوز والمعروفة اختصارا بالأخبار المزيفة، وما شهدته الرئاسيات الفرنسية الأخيرة من تداول لـ 25% من الأخبار المزيفة. وفي ذات السياق أكد الأخ يونس أن المسألة أصبحت تتفاقم يوما بعد يوم بعدما كانت تطبيقات الفايكنيوز تهتم فقط بالإعلانات الإشهارية والمرتبطة بالماركوتينك التجاري ثم السياسي، وبعد ذلك أصبحت المحركات الكبرى “كوكل” تشتغل على الصحافة، وإنتاج الخبر بتطبيقات عالية الدقة في التناول، ولها قدرة خارقة في التفاعل والتبادل المعلوماتي مع أقوى المحركات، مما جعل من الأنترنيت يقول الأخ مجاهد مصدر قوة للحصول على المعلومة بل ومعالجتها. والتفاعل معها، خاصة بين أوساط الشباب، وأشار في هذا الصدد إلى وجود 13 مليون مغربي ممن يستعملون مواقع التواصل الاجتماعي حسب دراسات أجريت في هذا الشأن، بلغ منهم عدد الشباب 65 % كما حددتالدراسة عدد مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي في 40 % بواسطة الهاتفالنقال، و 58 %  بواسطة  الحاسوب و2 % بواسطة اللوحات الالكترونية، وتساءل في ذات الوقت عن تأثير كل هذا الزخم، والدفق المعلوماتي، وتكاثر عدد المتلقين في الواقع السياسي، فضلا عن تأثير هذا التزايد باستمرار على مستوى حجم الانتشار وطبيعة المضامين.

وهو ما يستدعي الاستثمار في المجال، بل أصبح ضروري وملزم، متسائلا عن ما يجب فعله لكي نعيش ما يجري في العالم. بالقدرة الكافية على التحليل، والتقصي بذكاء للمعلومة والخبر، سيما وأن الدراسات الأخيرة يؤكد الأخ يونس مجاهد تفيد كون 54 % من منتجي ومروجي الأخبار والمعلومات ليسوا مواطنين، وأصبحوا مصدرا للإخبار، الأمر الذي أصبح محط احتجاجات ونقاشات محتدمة بين رجالات الصحافة والإعلام، والمؤسسات الإعلامية المختلفة عبر العالم ضد المعركات الكبرى، والتي تحولت من وسيلة تكنولوجية في توضيب وتخزين المعلومات، إلى وسيلة لإنتاج الخبر، ودخول سوق المعرفة إضافة إلى إنتاج ونقل الخبر دون اعتماد أي خط تحريري، وهي القضية التي اعتبرها كل الاعلاميين والصحافيين عبر العالم بضرب في الصميم لمبدأ تكافؤ الفرص في الحصول على الخبر ومصادره، بل اختراق المجال من طرف هذه المعركات بدون وجه حق، لما يقتضيه الفعل الإعلامي والصحفي من مستويات من الثقنيات المعرفية والأدبية، وأخلاقيات وقوانين، وتنظيمات مهيكلة ومؤطرة لهذا الفعل، فضلا عن كون وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لا تدخل في تعريفاتها ضمن العمل الصحافي.

ومن جهة أخرى، فقد أبرز الأخ يونس مجاهد مدى الخطر الحقيقي الذي تشكله هيمنة المحركات الضخمة والتي تستحود عليها لوبيات وقوى رأسمالية، وكدا تخوف الصحافة الكلاسيكية  من منافسة الصحافة الالكترونية مع تراجع المردودية المالية التي كان مصدرها الاعلانات وتسويق المنتوجات والبضائع والخدمات، حيث تحولت إرادات هذه الاعلانات إلى غوغل والفايسبوك بنسبة 48 % مما يعني بشكل أو بآخر أن مهنة الصحافة أصبحت مهددة وهو ما يدعو إلى العمل يقول الأخ يونس على استنهاض سبل وشروط مقاومة شعبية مهنية، وسياسية في مواجهة التضليل، والتدليس المعلوماتي، سيما وأن منظمة اليونسكو، سبق وأن دعت إلى إدماج التربية على الإعلام ضمن البرامج والمناهج التعليمية لتربية الحس النقدي لدى الأجيال والمساهمة في تنشئة الفكر النقدي في قراءة الخبر، خاصة في غياب سياسات عمومية واعية بكل هذه الرهانات والتحديات المرتبطة بموضوع وسائل التواصل الاجتماعي في علاقتها بالعمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتجاوز كل هذه الاشكالات المرتبطة بذلك، والقادرة على دعم وتطوير صحافة البحث، والتقصي، والتي شكلت دعامة ومدخل لمواجهة التحولات الرقمية والمتسارعة، وساهمت بشكل كبير في صيانة المكتسبات البشرية، لتكون لصالح الديمقراطية. كما أثار الأخ يونس مجاهد.

خطورة هذه الوسائل في قتل جميع الوسائط بما يسمح لعودة الدولة الحارسة والشمولية والأكثر استبدادا واستحواذا على كل الواقع، مع إنها كل أشكالالتعبيرات، والممارسات المواجهة. وهو ما يدعوا إلى الحاجة إلى بحث علمي ودراسات وسياسات عامة للحد من الفوضى التي أحدثتها التحولات الرقمية، من خلال العمل على تقديم منتوج إيجابي وجيد، وأن لا يظل هذا الموضوع خاضع لإقتصاد السوق، وسيطرة اللوبيات، والذي يستثمر بقوة في المجال، ويعمل بجهد على توجيه الرأي العام وبإمكانيات جد متطورة في استعمال الذكاء الاصطناعي.

وهو ما يستوجب كذلك يؤكد الأخ يونس مجاهد، بالإضافة إلى التجدير والتعامل بفكر نقدي، يقول يجب تطوير احترافية الأداء الصحفي، والمقاولة الصحفية وتأهيل قدراتها التقنية والمؤسساتية، وجعلها قادرة على تقديم خدمة عمومية قوية.

وفي الختام عبر الأخ يونس عن تفاؤله، كون المعركة ليست في مواجهة التخوف من مقاومة وسائل التواصل الاجتماعي، بل في التعامل معها بالعدة التربوية والمناهج التعليمية اللازمة للقيام بالتوريد المعرفي الايجابي في التعامل معها، بالموازاة مع العمل على إنجاز دراسات، وأبحاث علمية مواكبة، وكذا تأهيل استراتيجي للسياسات العامة وللمشهد السياسي بصفة عامة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى