نجا شاب كان يخلد للنوم من موت محقق، بعد أن التهمت النيران خيمة كان يحتمي فيها من لسعات البرد في سوق عشوائي كان يشكل مرتعا لكل الممارسات المشينة، وفضاء لبعض المنحرفين الذين لا يخجلون من التعاطي لكل أنواع المخدرات جهارا سيما في الفترة المسائية التي يحجب الظلام الدامس تصرفاتهم واستفزازاتهم.
وأفادت مصادر مطلعة، أن ألسنة النيران التي اشتعلت فجأة فجر اليوم الخميس الماضي وأتت على عدد من الخيم والعربات المدفوعة التي كانت محملة بكل أنواع الخضر بعد أن كانت راسية وسط باحة سوق الغديرة الحمراء في انتظار انبلاج ضوء الصباح، لم تدع المجال لتدخلات رجال الإطفاء لإخماد النيران التي باتت تشكل خطرا على السكان القاطنين بالمنازل المجاورة، سيما أن السويقة المحترقة توجد في قلب المدينة وسط تجمعات سكنية غفيرة، يتخذ أفرادها موردا رئيسيا في غياب فرص الشغل التي تمتص نسب البطالة المرتفعة في الأحياء الفقيرة.
ولولا الألطاف الربانية لتحول الحريق الذي حجب الرؤية بفعل ألسنة النار المتصاعدة، إلى فاجعة بعد أن خلد سكان الأحياء المجاورة إلى النوم، علما أن قنينات الغاز التي كان يستعملها بائعو الخضر إما لتحضير وجبات الأكل أو استغلالها في الإضاءة لم تنفجر ما سهل عملية الإطفاء بفعل تضافر جهود المواطنين الذين شمروا عن سواعدهم لإخماد النيران الملهبة بمساعدة رجال المطافئ الذين حضروا بمجرد توصلهم بنبإ اشتعال الحريق بالسويقة.
ولم يمر حادث الحريق المهول الذي شب فجر الخميس في ظروف غامضة، دون أن تطرح علامات استفهام كبرى حول الجهة المتسببة فيه والأسباب الكامنة وراء سلوك غير محسوب العواقب، علما أن التحقيقات الجارية، بعد أن حلت بعين المكان عناصر أمنية بمعية السلطات المحلية التي قامت بعمليات احترازية لإبعاد المواطنين عن مخاطر الحريق خوفا من سقوط ضحايا، ستضع حدا لكل التأويلات التي لا تستبعد وجود فاعل تسبب في الحريق.
ولم تستبعد مصادر متطابقة أن يكون الحادث ناجما عن دوافع انتقامية، إذ نفذه مجهولون إما لتحقيق أهداف ذاتية أو سعيا لخلق البلبلة وفسح المجال أمام بعض العناصر الإجرامية لإثارة مشاكل بين المواطنين ودفعهم لسلك طريق مجهول تكون نهايته وخيمة على المدينة وأهلها.
وفي انتظار ما ستؤول إليه نتائج التحقيقات الجارية بعد حضور عناصر من الشرطة العلميةالتي بادرت إلى القيام بعملية مسح شامل لفضاء السويقة أملا في العثور على دلائل لإدانة الجهات المتورطة وثبوت وجود فعل جرمي، ينبغي اتخاذ مواقف حاسمة من قبل مسؤولي المدينة الذين يتلكؤون في الحسم في مصير السويقة وإيجاد بدائل لبائعي ومحترفي الخضر الذين كانوا يحتلون فضاء السويقة وجنباتها، فضلا عن تحرير الملك العمومي من مستغليه ليجد سكان الأحياء المجاورة فضاءات للتحرك بحرية بعد أن كانوا يعيشون تحت رحمة صيحات الباعة الذين لا يتورعون في التلفظ بكلمات خادشة للحياء ما حول حياتهم إلى جحيم.
الصورة: فضاء السويقة المحترقة طاكسي نيوز.