ثقافة وفن

حلاّق بيكاسو يضحي بملايين الدولارات لكي يرفع من شأن قريته ويخلد اسمها على صفحات التاريخ

بعيدا عن اللغة الركيكة والسوقية والمواقف المنبطحة، أهديكم مقالا رائعا يصرف عنكم البؤس الوجودي الذي أصبحنا نعيشه يوميا مع أشباه آدميين انسلخوا من آدميتهم وتحولوا إلى بشر يعبدون الدرهم وينشرون البشاعة في كل مكان.

هكذا يكون الأشخاص النبلاء الذين لا تغريهم الملايين من الدولات لينسوا بلادهم التي أنجبتهم، ويحولونا بسلوكهم النبيل إلى متاحف عالمية تحصد الإعجاب وتنعم على ساكنها بالغنى الروحي والفكري.

تعرّف الفنان العبقري بيكاسو إلى حلاقه الخاص Eugenio Arias سنة 1944، ونشأت صداقة عميقة بينهما، وظلت هذه العلاقة قائمة حتى وفاة بيكاسو سنة 1973. فالحلاق من أصل إسباني مثل بيكاسو ويعيش مثله في فرنسا. كان يرفض أن يتقاضى أجرا عندما كان يحلق شعر صديقه، فكان الرسّام يكافئه بأن يهديه بعض لوحاته. جمع الحلاق بهذه الطريقة 60 لوحة من لوحات بيكاسو . وبعد وفاة هذا الأخير، سارعت المتاحف العالمية الكبرى تعرض على الحلاق ملايين الدولارات لشراء هذه اللوحات، لكنه رفض هذه الإغراءات… ماذا فعل بهذا الكنز الذي قدّمه له صديقه بابلو ؟
قدّمه إلى قريته الإسبانية الصغيرة Buitrago del Lozoya  التي تقع شمال العاصمة مدريد، وهكذا ضحّى بملايين الدولارات لكي يرفع من شأن قريته ويجعل منها مقصدا سنويا للملايين من عشاق بيكاسو، فساهم في خلق نشاط أقتصادي كبير لهذه القرية، بدلا من أن يحقق ربحا شخصيا له، بإقامة متحف يحتوي هذه اللوحات النادرة ليكون مقصدا للسياح من كل أنحاء العالم .
توفي حلاق بيكاسو في العام 2008 وقد ودّعته بلدته الصغيرة وإسبانيا كما يُودَّع الأبطال, ولم يزل متحفه الذي افتتح في العام 1985 والمسمى “متحف حلاق بيكاسو” مفتوحا في قريته، وقد تحولت هذه القرية الإسبانية الصغيرة  إلى أهم الأمكنة السياحية في اسبانيا وتحوّل أرياس الى أشهر وأنبل حلاقي العالم بعدما كان منسيّاً ككلّ الفقراء !!
النبل الذي يسكن الروح، هو أكبر من كل الشهادات الأكاديمية… النبل هو ما يصنع الأشخاص !!
منقول

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى