دكتواره للطالب الباحث لحسن الصديق في موضوع “قبيلة انتيفا من خلال الوثائق المخزنية والأرشيف الفرنسي”
العين الإخبارية
ناقش الطالب الباحث لحسن الصديق بكلية الاداب والعلوم الإنسانية صبيحة يوم الجمعة الماضي، بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ بني ملال أطروحة دكتوراه في التاريخ والتراث الجهوي، في موضوع: “قبيلة انتيفا من 1520 إلى 1956 من خلال الوثائق المخزنية والأرشيف الفرنسي“.
وتكوّنت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
الدكتورة سعاد بلحسين رئيسة.
الدكتور محمد العاملي مشرفا.
الدكتور عبدالله استيتو عضوا ومقررا.
الدكتور محمد بالأشهب عضوا.
الدكتور محمد بويقران عضوا
و تناولت الأطروحة قبيلة انتيفا في عهد الدولة العلوية باعتبارها مركزا مخزنيا مهما إلى جانب قبيلة آيت اعتاب، إذ عاشت القبيلة خلال القرن التاسع عشر مواجهات قوية مع القبائل العطاوية الوافدة من جنوب الاطلس الكبير والمخترقة لمجال انتيفا التي بسطت نفوذها على مختلف قبائل الجبل.
وتكشف الفترة التي تم اختيارها للدراسة صورة عن المجتمع المغربي خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر التي تميزت بالاضطرابات الاجتماعية في مختلف القبائل نتيجة الازمات الاقتصادية والاجتماعية كالجفاف والاوبئة وشطط القواد في استعمال نفوذهم وجشعهم المتزايد في الاستحواذ على ممتلكات القبيلة.
ورغم أن مجال قبيلة انتيفا قد يبدو ضيقا إلا أنه ما زال يحتاج لدراسات أخرى تاريخية وأنثروبولوجية وأركيولوجية، نظرا لما يزخر به من عمق تاريخي يخبئ معطيات مهمة عن تاريخ تادلا خلال مختلف الفترات التاريخية. وقد كشف هذا البحث عن كون مفهوم القبيلة كان حاضرا إلى حدود القرن التاسع عشر، لكن التحولات التي عرفها مجال الدراسة خلال الفترات اللاحقة والسابقة حولت هذا المفهوم إلى مجرد مفهوم هلامي لا علاقة له بالنسب، بل هو مجرد تجمع سكاني تجمع بين عناصره مصالح أحيانا، ويجعلها الصراع حول هذه المصالح خلال فترات أخرى إلى مكونات متناحرة لفترات قد تطول.
وقد تم الاعتماد على تنويع العدة الوثائقية والمرجعية في هذا البحث من مصادر مكتوبة ووثائق مخزنية وأرشيف عسكري فرنسي يخص فترة الحماية الفرنسية، إضافة إلى الرواية الشفوية التي لم نخصص لها الحيز الكبير نظرا لتوفر عدة وثائقية مهمة من جهة ولافتقارها للدقة في كثير من الأحيان.
هذا بالإضافة إلى التضارب في التصنيف الإداري والجغرافي للمجال، إذ يبقى نهر وادي العبيد هو المعلمة الطبيعية التي ترسم الحدود بين الجزء الهسكوري من تادلا وجزئها الصنهاجي، باستثناء المجال الترابي لرفالة الذي ذكر عند البيدق قبل الوزان ضمن أقسام انتيفا. كما أن إحداث مركز فم الجمعة الذي تحدث عنه الحسن الوزان خلال القرن 15م لأول مرة جاء في سياق الصراع حول تقاسم المجال، ثم إن تحويل الطريق التجارية خلال المراحل السابقة عن الفترتين الوطاسية والسعدية الذي يتجلى في إحداث قنطرة العثامنة التي سمحت بإمكانية تحويل الطريق التجارية نحو السهل، وعدم اندماج مدينة “تاكوداست” في البيئة السعدية الجديدة التي اندمجت فيها “بزو” جعل الشرفاء يحدثون مركزا تجاريا قريبا منها يؤمن تبادل السلع والسير العادي للحركة التجارية وهي مركز فم الجمعة، نظرا لرفض المراكز الأساسية الأخرى لهذا الاندماج لارتباطها بفاس.
كما أن الاطلاع على وثائق مؤسسة “أرشيف المغرب” يعتبر نوعا آخر من الوثائق بات يشكل مصدرا مهما للمعلومة التاريخية ابتداء من بداية القرن العشرين بعد دخول المستعمر الفرنسي لمجال المغرب عامة، ومجال القبيلة بشكل خاص. فضلا عن الإطلاع على وثائق الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي بمدينة “نانت” الفرنسية من تجاوز النقص الحاصل على مستوى وثائق مؤسسة ” أرشيف المغرب” التي ينقصها التنظيم الكافي لتيسير عمل الباحثين.
وقد تضمنت هذه الأطروحة:
الباب الأول:” قبيلة انتيفا من 1520 إلى 1912″، يتضمن المعطيات الطبيعية والبشرية لقبيلة انتيفا، منذ نشأة الدولة العلوية إلى سنة 1912م. بالإضافة إلى الحديث عن ممثلي المخزن بالقبيلة من 1850م إلى 1912م، لأنهم يشكلون جهازا مهما في تدبير شؤون القبيلة ويمثلون المخزن في علاقته معها. والعلاقات الجبائية ومختلف المراسلات والتدخلات التي قام بها المخزن بالقبيلة سواء كانت زيارات أو حركات مخزنية، وعلاقة قبيلة انتيفا بقبائل الجوار المحيطة بمجالها وبعض القبائل الوافدة على المجال من جنوب الاطلس الكبير قصد الاستقرار خصوصا قبيلة أيت عطا.
الباب الثاني:”قبيلة انتيفا من سنة 1912م إلى 1956م”. تم الحديث عن قبيلة انتيفا قبيل الاستعمار الفرنسي بالاعتماد على بعض رحلات البعثة العلمية الفرنسية التي زارت مجالها ومن خلال الوقوف عند علاقات بعض أعيانها بالقائد المدني الاكلاوي والفرنسيين، وكذلك قبيلة انتيفا خلال عهد المولى عبد العزيز والمولى عبد الحفيظ. والبنية التنظيمية لها، حيث تم الاعتماد على وثائق الأرشيف العسكري الفرنسي، والتحولات الاقتصادية والاجتماعية خلال الفترة الاستعمارية والتي تمثلت على الخصوص في البنية التحتية والأنشطة الاقتصادية.
وقد خلص الباحث إلى أن أهمية البحث الذي ترك آفاقا واسعة تسمح بإعادة النظر فيما كتب سابقا عن تاريخ جهة بني ملال خنيفرة، حيث امتلكت قبيلة انتيفا علاقات مع مختلف قبائل الجهة إلى حدود القرن التاسع عشر، مما يدل على أنها كانت لها أدوار قيادية بالجهة بدأت تفقدها مع بداية نشأة المراكز الحضرية بالسهل، كما أنه فتح الباب لإبراز الأهمية التاريخية للمناطق الجبلية باعتبارها مراكز للاستقرار القديم التي ما تزال في حاجة إلى المزيد من البحث والتمحيص. كما أن هذا البحث مكن من جمع معطيات حول تاريخ القبيلة من خلال الوثائق المخزنية والأرشيف العسكري الفرنسي، ما يساهم لامحالة من كتابة تاريخ جهة بني ملال خنيفرة من جهة بشكل خاص وتاريخ المغرب بشكل عام.
عبدالكريم جلال