رصد كاتب رواية ” المغاربة” عبد الكريم جويطي خلال تقديمه لرواية محمد الأشعري عوالم الرواية التي أصر فيها الكاتب على منح الحياة لكل شخوصها وفرصة الانتصار على الموت والعدم دون أن يغفل الحديث عن عمق الرواية المعرفي باستقصائها كل الحالات الإنسانية المجسدة التي تزيدنا معرفة بالشرط الإنساني وفداحته.
وتحدث الكاتب محمد الأشعري، في لقاء نظمته جمعية صول للموسيقى ببني ملال بمركب الأشجار العالية ببني ملال ليلة السبت الماضي، عن النواة الأولى لروايته ” ثلاث ليال” بعد أن طلبت منه دار نشر أمريكية المساهمة في ” سلسلة مدن سوداء” بإنتاج فكري كان عبارة عن قصص ذات طابع بوليسي تحكي عن المدن عبر مختلف بقاع العالم، واختار مدينة مراكش موضوعا لكتابته، ولم يكن يتوقع بعد كتابة الفصل الأول ” مومياء دار الباشا” أن مشروع الكتابة كان أعمق وأكبر من تدوين فصل صغير لا يستجيب لنزعاته الفكرية وانشغالاته المعرفية سيما أنه سجل وجود تناقضات ما زالت تؤرقه بعد أن احتلت فرنسا المغرب مدعية أنها تسعى لتحديثه وإلحاقه بركب الحضارة، ولم يكن حلولها مرحبا به من قبل المغاربة الذين واجهوا جيوش فرنسا التي تمتلك أسلحة متطورة فتكت ب 300 ألف مغربي بسيط، مقابل 18 ألف جندي فرنسي طحنتهم المواجهات الدامية مع المقاتلين المغاربة.
وبموازاة مع بسط فرنسا سلطتها على مناطق في المغرب، فتحت أوراشا بدعوى تحديث البلاد وبسط سياستها، بتجميع الملكية العقارية في القطاع الفلاحي وإنشاء منطقة سقوية، وبناء السدود وتجميع المصالح لدمج المغرب في منظومة الحداثة الأروبية، دون أن تغفل هيكلتها القطاع السلطوي بالمغرب بتقوية سلطات القواد وبسط نفوذ ” الباشا الكلاوي” الذي أصبح يتوفر على بلاط ملكي وملعب للكولف ” 13 حفرة” وامتلاكه مغنيات من أجناس مختلفة، فضلا عن استعباد حريم يضم أكثر من 200 امرأة وضعت لخدمته والاستماع بهن.
وربط محمد الأشعري بين تصاعد امتلاكه الباشا الكلاوي الحريم بتنامي نفوذه السلطوي وتنامي شهوته لامتلاك مزيد من النساء، ولم تر فرنسا أي ضرر فيما كان يصدر عن الكلاوي من ممارسات بائدة وتقليدية، قبل أن يتحول الكلاوي إلى موضة باريسية لا تقل أهمية عن موجة ” التكعيبية” التي ذاع صيتها مع سطوع نجم الفنان بيكاسو.
كما تحدث الأشعري عن شهوة السلطة ووضع قوالب التحكم مشيرا إلى” الحريم” كتجل أكبر للتلاقي بين الشغف بالسلطة وامتلاك النساء واستعبادهن سواء بطرق مباشرة أو رمزية ما ساهم في إعاقة تقدم بلادنا وتأخرها على اللحاق بركب الحضارة العقلانية.
من جهته اعتبر الناقد نور الدين درموش رواية ” ليال ثلاثّ” للكاتب محمد الأشعري بحضور ثلة من المثقفين وعشاق القراءة، أن الرواية تتألف من ثلاث محكيات، كل منها تستقل بزمنها وأحداثها وتنفرد بسياقاتها التاريخية، وهي إحالة إلى كتاب ” ألف ليلة وليلة” التي انتظمت حكاياته بتوالي الليالي.
وأضاف أن العلاقة بالليالي الثلاث امتدت إلى توثيق علاقة بين المرأة والحكاية كما رسختها السردية المأثورة لشهرزاد، وهي تبدع الحكاية كي تقاوم العنف الذكوري الممهور بالسلطة.
إنها ثلاث ليال وثلاث نساء وكل امرأة تدبر علاقتها بالعنف الذكوري كما دبرت شهرزاد عنف سلطان شهريار. ويتخذ العنف الذكوري في الرواية أبعادا مختلفة ومتنوعة، مشيرا أن شخصية مينة الغزالة امرأة الفصل الأول ” هدية” الباشا حمو للباشا لكلاوي، في حين أن رحيمو المجثتة من بلدتها الجنوبية والملحقة بحريم الملك ظلت تعيش وضع الأسر، أما نعيمة فعاشت قصة غرام مع معتقل سياسي سابق ما لبثت أن انفصلت عنه وعاشت معاناة الانفصال بعد أن أصبح عشيقها إطارا ساميا من أطر الدولة.