سوق الغديرة الحمراء قلب مدينة بني ملال النابض بالحيوية في شهر رمضان
رواج اقتصادي مهم وممارسات تنم عن وجود فوضى عارمة
يتزامن حلول شهر رمضان ببني ملال، مع ارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة التي تفرض إيقاعا جديدا على المواطنين الذين يحتمون بمنازلهم خوفا من لفحاتها وتجنب ضربات الشمس القاتلة، لكن تستعيد المدينة حويتها بعد الفطور، إذ يخرج الصائمون للتبضع وزيارة الأصدقاء في انتظار يوم جديد يلفح وجوه الناس بأشعة شمس حارقة لا مثيل لها.
الأمر الوحيد الذي يؤشر على استمرار الحياة في مدينة بني ملال التي تصبح فرنا قائظا، الأسواق العشوائية المنتشرة في كل الأحياء ما يسمح للمواطنين بتبضع كل ما يحتاجونه من سلع لتلبية حاجيات وطلبات البطون الزائدة في رمضان.
من بين الأسواق الرئيسية التي تنبض بالحياة والحيوية، رغم المظاهر السلبية والمقرفة التي تميزها سوق” الغزيرة الحمراء” العشوائي الذي يتوسط المدينة ما يشكل قلبها النابض، لما يوفره من حاجيات ورغبات المواطنين الذين يفضلون التبضع منه لتأمين مصدر غذائهم، والعودة السريعة إلى منازلهم قبل أن يصابوا بضربات شمس قاتلة.
رغم الرواج الاقتصادي والتجاري الذي يعرفه سوق” الغديرة الحمراء” طيلة أيام الأسبوع، بل يستمر عرض السلع والخضر في شهر رمضان حتى حدود منتصف الليل، فإن المتتبعين للشأن المحلي للمدينة يسجلون تنامي مظاهر القلق والتوتر لدى سكان الحي بسبب انشار شتى مظاهر الانحراف، التي تتجلى في السرقة بالنشل وبيع المخدرات وكذا الأقراص المهلوسة، وهي مظاهر مقلقة تحتاج إلى وقفة متأنية لمعالجتها.
يؤكد محمد 30 سنة أعزب، أن سوق الغديرة الحمراء يعتبر من أعرق الأسواق التجارية التي تشهد رواجا اقتصاديا مهما سيما في شهر رمضان، إذ يوفر لقمة العيش لأكثر من 150 أسرة، صارت مهددة في قوتها اليوم بعد طالبت السلطات المحلية بإخلاء السوق لما يشكله من أضرار وخيمة، في اعتقادها، على سكان الحي وكذا صحة رواده.
وأضاف، أن الرواج الاقتصادي يصل ذروته أيام رمضان، لأن العديد من المواطنين يتبضعون منه، لتوفيره حاجياتهم من لحوم وخضر، وكل مستلزمات المطبخ المغربي الذي تزداد حاجياته بتنامي شهوات الصائمين، علما أن السوق نفسه يشهد إقبال مهما للفئات المتوسطة التي تجد فيه كل متطلباتها التي تعرض بأثمان معقولة، سيما أن أثمان الخضر حافظت على استقرارها طيلة أيام رمضان.
وذكر مواطن من أبناء الحي الأصليين، أن سوق الغديرة الحمراء، تحولت إلى فضاء يعرض كل مظاهر الفوضى والتسيب، تتراكم فيه الأزبال في كل جنباته، وتذرعه خطوات بائعات الهوى ومروجو المخدرات، بل صار حيا عشوائيا يعج بكل مظاهر الانحراف وسط مدينة بني ملال تغيب عن مسؤوليها مقاربة تشاركية بين المجلس البلدي وجمعيات الحي، الساعية لإيجاد الحلول القانونية ورفع الحصار عن الحي، إذ صار من الصعب على القاطنين به الولوج إلى منازلهم دون أن يتعرضوا لمضايقات واستفزازات، تنم المحتلين لجنبات السوق.
وأضاف أن سكان المدينة يقصدون سوق الغديرة الحمراء الذي يتوسط المدينة لقضاء مآربهم، لكن يتحسسون أجسادهم في كل لحظة خوفا من انغراس شفرة حلاقة بعد أن يخطئالنشالون هدفهم، ما يكلفهم الانتقال بعجالة إلى المركز الجهوي لتلقي الإسعافات قبل استفحال الوضع.
يؤمن الباعة والتجار، حياتهم باختيارهم العيش بسوق الغديرة الحمراء وعرضهم مختلف السلع التجارية وكل المؤن التي تحتاجها مائدة الفطور، لكن يتخوفون عن مصيرهم المجهول بعد تلقوا إشارات من لدن السلطات المحلية، تطالبهم بإخلاء السوق في إطار تحرير الملك العمومي، وتنمية المدينة في إطار ما يسمونه مخطط التنمية الشامل الذي بلغ نسبة إنجازه نسبا متقدمة.
ويؤكد المصدر ذاته، أن المنتسبين إلى جمعية سوق الغديرة الحمراء التي تم إنشاؤها، تسهر على ضمان حياة الحرفيين الذين يكسبون لقمة عيش أسرهم من عائدات السوق والعمل المضني طيلة أيام السنة، إذ انتظموا في إطار جمعيتهم التي نصبت نفسها ممثلا للباعة المستقرين في هذا السوق، بهدف الدفاع عن مصالحهم وتنظيم الحياة العامة ونبذ كل أشكال العنف و” التشرميل” الذي كان سمة مميزة لسوق الغديرة الحمراء.
وأضاف أن الرواج الاقتصادي اليومي في سوق الغديرة الحمراء لا يعادله شيئا، إذ يساهم في تنمية عائدات المدينة، بتوفيره كل حاجيات المواطنين، بل يخلق فرص عمل لأبناء الحي الذي حرموا من متابعة دراستهم وارتموا في أحضان الانحراف بعد أن سدت في وجوهم كل أبواب الرزق.
من جهتهم، ضاق القاطنون بالقرب من سوق الغديرة الحمراء، من ممارسات بعض الحرفيين والمهنيين، في ظل غياب أية مقاربة شمولية تنزع فتيل التوثر، وتراجع دور والسلطات المحلية وكذا المجلس البلدي الذي عجز عن إيجاد الحلول الممكنة لمشكل السوق، علما أن حياة السكان تحولت إلى جحيم بعد أن احتل الباعة المتجولون، الذين تحول بعضهم إلى مالكي بقع أرضية مقتصة من الشارع، كل جنبات الحي وصاروا قوة ضغط على المسؤولين تفرض شروطها وتطالب بحقوقها.
ونظرا المشاكل التي نجمت عن غياب إرادة حقيقية للمسؤولين، يطالب تجار وجزارو سوق الغديرة الحمراء برفع الضرر الذي يلحِقه بعض الجزاري الذين يبيعون اللحوم البيضاء فوق طاولات خشبية في غياب مراقبة طبية وتنظيم العمل بالسوق ما يتسبب في مشاكل ومواجهات دامية، تنجم أحيانا مشادات كلامية غالبا، ما تنتهي بخلق جو الخوف والرهبة في نفوس المواطنين الذين يهربون خوفا من ضربات طائشة محتملة بسكاكين تتوعد كل من يقترب منها بالانتقام.