لم تعد العلاقة المرضية بين أمراض الفم والصحة بشكل عام خافية على أحد ، فضلا عن المضاعفات الصحية الجسيمة التي يتعرض لها المرضى الذين يطلبون العلاج عند المزاولين غير الشرعيين لمهنة طب الأسنان، فإن الآثار السوسيو اقتصادية غالبا ما تكون كارثية. كما أن تكاليف علاج هذه الآثار يمكن أن تقدر بالملايير من الدراهم ما تشكل عبئا على المواطنين والدولة معا.
ويؤكد ميثاق أخلاق طب الأسنان أنها مهنة شريفة ومقننة ونبيلة، ويشترط في أي شخص يريد الانتساب إليها أن يكون حاصلا على دكتوراه في طب الأسنان أو على شهادة مماثلة معترف بمعادلتها طبقا للقوانين المعمول بها. كما يجب أن يكون مسجلا في جدول الهيأة حتى تتمكن الأخيرة من مراقبة من له الحق في مزاولة مهنة طب الأسنان.
ولم يخف الدكتور صلاح الدين العثماني (الأخ الأصغر لرئيس الحكومة الحالي) انزعاجه من تسلل العديد من المتطفلين إلى مهنة طب الأسنان الذين أساؤوا إلى المهنة وأضروا بصحة المواطنين الذين ينبغي عليم أن يميزوا بين الطبيب الحقيقي والمشعوذ الذي يتطفل على الميدان ما تترتب عنه عواقب وخيمة تصل أحينا إلى حد الموت إسوة بمواطن مغربي قدم من أمريكا إلى بلده المغرب وأصابته نوبة ألم في فمه، وبادر إلى أحد المتطفلين بآكدير ملتمسا منه العلاج لكن جهله بمهنة طب الأسنان عجل بموته.
وتأسف صلاح الدين العثماني عن هيأة أطباء الأسنان الوطنية المجلس الجهوي للجنوب، في اليوم العلمي والمهني، الذي نظمته نقابة أطباء الأسنان بجهة بني ملال أزيلال الفقيه بن صالح بتنسيق مع المجلس الجهوي للجنوب هيأة أطباء الأسنان الوطنية المنظم بنادي الفروسية ببني ملال صباح السبت الماضي، عن الفوضى التي تعتري قطاع طب الأسنان بالمغرب بعد أن تبين أن 3300 شخص وفق إحصائيات رسمية يزاولون المهنة بشكل غير مشروع وفي خرق سافر للقوانين المنظمة للقطاع، والأدهى من ذلك أن 1700 شخص منهم يزاولون دون ترخيص من السلطات. والخطير في الأمر أن هؤلاء المزاولين غير الشرعيين لا يكثرون إطلاقا بالنتائج الوخيمة لما يقومون به ولا بالانعكاسات الصحية الناجمة عن ممارساتهم الخاطئة، لأن شروط العمل التي تتم فيها التشخيصات والعلاجات تشكل خطرا على المرضى لأنهم مهددون بالإصابة بأمراض تعفنية كالسل، والسيدا والتهاب الكبد الفيروسي من نوع باء وسين، بل إن الخطورة أكبر مما يمكن تصوره لأن المرضى قد يفقدون حياتهم جراء طلب العلاج عند هؤلاء المزاولين غير الشرعيين لمهنة طب الأسنان.
وتطرق صلاح الدين العثماني للنصوص القانونية التي تؤطر مهنة طب الأسنان وبالضبط المادة 86 من ظهير شريف رقم 1.07.41 الصادرة في 28 من ربيع الأول 1428 (17 أبريل 2007) بتنفيذ القانون رقم 07.05 المتعلق بهيأة أطباء الأسنان الوطنيةالتي تنص على تأهيل الرؤساء والأعضاء المنتخبين بالمجلس الوطني والمجالس الجهوية ليرفعوا إلى وكيل الملك كل حالة من حالات مزاولة مهنة طب الأسنان بصورة غير مشروعة بلغت إلى علمهم”.
وتعتبر مزاولة مهنة طب الأسنان بالقطاع الخاص دون التقييد في جدول الهيئة تطبيقا للمادة الثالثة من هذا القانون في حكم المزاولة غير المشروعة للمهنة، لأن المرضى قد يفقدون حياتهمجراء طلب العلاج عند هؤلاء الممارسين غير الشرعيين لمهنة طب الأسنان
وحث العثماني على ضرورة فرض احترام القانون رقم 05-07 المتعلق بهيأة أطباء الأسنان الوطنية، والذي ينص في مادته الثالثة على أنه “لا يجوز لأي كان أن يقوم بأي عمل من أعمال مهنة طبيب الأسنان بالقطاع الخاص إن لم يكن مقيدا في جدول هيأة أطباء الأسنان الوطنية”. كما تشترط المادة الرابعة من نفس القانون التوفر على شهادة دكتوراه في طب الأسنان لكل من يرغب في مزاولة هذه المهنة؛ وتعتبر مزاولة مهنة طب الأسنان بالقطاع الخاص دون التقييد في جدول الهيئة في حكم المزاولة غير المشروعة للمهنة.
ودعا كل المسؤولين للتدخل بسرعة لوضع حد للتجاوزات الخطيرة التي يقوم بها بعض صناع الأسنان في كل مدن وقرى المغرب وحماية صحة المغاربة وزوار المغرب، والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بصحة المواطنين وتفادي الكوارث التي تنجم عن المزاولة غير القانونية لمهنة طب الأسنان كحالات الوفاة التي سجلت في مدن (سلا، الناضور، بن جرير) والتي تداولتها وسائل الإعلام الوطنية وحركت فيها المتابعة القانونية بالإضافة إلا حالات الإصابة بأمراض تعفنية خطيرة كالتهاب الكبد الفيروسي، السيدا، السل.
وطالب كافة المتدخلين بالتعجيل في المصادقة على مشروع قانون 14-25 المتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية ومنها مهنة “صانعي رمامات الأسنان” مع تأكيده على الحكومة بتعميم التغطية الصحية وتوسيعها لتشمل علاجات الفم والأسنان، لإيمان هيأته بأنه الحل الأمثل لمكافحة المزاولة غير القانونية لمهنة طب الأسنان وكذا السبيل الوحيد لضمان الصحة العمومية كما ينص على ذلك دستور المملكة.