عائشة آيت حدو امرأة ناعمة بقفازات حديدية
كان لوقع انتخاب عائشة آيت حدو رئيسة على بلدية أزيلال وقع إيجابي على نفوس ساكنة المنطقة التي رأت في انتخابها انعطافة جديدة نحو مغرب الحداثة والديموقراطية التي تكبر كل يوم رغم الكوابح التي تضعها بعض العقليات التي تكره التغيير والتجديد.
بعدما كانت رئاسة المجلس الجماعي والبلدي لمدينة أزيلال حكرا على الرجال منذ إحداث هذا إقليم الذي يتخبط في مشاكل عدة، وفي ظل الدستور الجديد الذي حث على المناصفة استطاعت عائشة ذات الأـصول الأمازيغية أن تكسب ثقة الناخبين بدائرتها الانتخابية بأزيلال، يحذوها طموح الأمل والأماني الكبرى لانتزاع هذه المدينة المناضلة من براثن التهميش والإقصاء، سيما أن الإقليم كان حكرا على الرجال الذين ظلوا يقررون في مصير المنطقة بعيدا عن الأفكار الناعمة التي تنمو ربيعا وورودا فواحة بالعطر والجمال.
لم يكن ظفر الرئيسة الجديدة عائشة بن حدوا برئاسة المجلس أمرا هينا بعدما اختلفت المواقف السياسية التي بلغت حد القطيعة بين مختلف الأحزاب السياسية التي ظفرت بمقاعد المجلس الجماعيي في انتخابات 4 شتنبر الماضي، إذ عوضت عائشة الرئيس السابق محمد وغاض ممثل حزب الاتحاد الاشتراكي بحيازتها على 20 صوتا مقابل امتناع 9 أعضاء من المعارضة المشكلة من أحزاب تحالف اليسار والعدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، لتصبح أول رئيسة تتربع على كرسي الرئاسة أمام دهشة السكان التي تأسرهم عقلية ذكورية تؤمن بتفوق الرجل على المرأة.
لم تحل الظروف الاجتماعية الصعبة التي عاشتها عائشة بن حدو بعد وفاة والدتها عندما كانت تدرس بالثانوي دون مواصلة دراستها التي توجتها بحصولها على الباكلوريا، لتضع بعد ذلك نصب أعينها ولوج الجامعة بمراكش لإتمام دراستها الجماعية والحصول على الإجازة لولوج سوق الشغل ومساعدة أسرتها على تكاليف الحياة.
وفاجأها القدر مرة ثانية بأن خطف والدها المقاوم لحين آيت حدو الذي كان يحنو عليها ويقاسمها مشاكلها، لكن لم يزدها الحدث المؤلم إلا إصرارا على مواصلة التحدي واحتلال المراتب الأولي وإثبات ذاتها أمام مجتمع يحتقر المرأة ويعتبرها بضاعة ليس إلا.
حازت الطالبة المجدة على دكتوراه الدولة في القانون العام شعبة علم السياسة والقانون الدستوري، لتحتفي بإنجازتها العملية والجمعوية، إذ انتخبت أول عضو في المجلس الإقليمي سابقا، وكذا عضو بالمجلس البلدي السابق لأزيلال، ولم تبق مكتوفة الأيدي بل توجتها مسيرتها الجمعوية بانتخابها أول رئيسة مكتب إقليمي للهلال الأحمر المغربي بأزيلال، وبعدها عضو باللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، ثم عضو باللجنة الإقليمية والجهوية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
لم يثن عزم الفاعلة الجمعوية بأزيلال الإشارات المغرضة التي كانت تنتقص من قيمتها كامرأة صلبة اقتحمت عالم الرجال بامتياز، بل واصلت عملها كفاعلة جمعوية، واستطاعت أن تحجز لنفسها منصب نائبة رئيس مجلس بني ملال خنيقرة إبراهيم مجاهد الذي كان يترأس مأوى الطالب بأزيلال، وبهذه الحصيلة المشرفة التي أنجزتها طيلة مسيرة من العمل والنضال، ومن قلب جبال الأطلس المتوسط ومن تخوم مداشر مدينة أزيلال، استطاعت عائشة بن حدو التي ضمنت لها موطئ قدم ضمن لائحة الوجوه الشابة التي زحزحت تماثيل آدمية كانت تجثم على صدور المواطنين بأزيلال، واستطاعت أن تركب قطار التنمية وكلها أمل أن تشرف من وضعوا فيها الثقة لتمثيل الفقراء والمستضعفين، يحذوها أمل خلق مشاريع تنموية لضمان الشغل لشباب يأكلهم النسيان في مدينة مهمشة لا يلج إليها المسافر إلا إذا كان عابرا وفضل الاصطياف لحظات بشلالات أوزود للاستمتاع بجمال الطبيعة الأخاذ.