عين أسردون تاج المدينة المرصع بعيون مائية، يقصدها المصطافون في فصل الصيف للاستمتاع بمياهها الباردة التي تبعث الحياة في أرجاء مدينة تحولت حدائقها الغناء وحقول الزيتون التي كانت تدرا عن المدينة حرارة الشمس القائظة إلى بنايات إسمنتية تنذر بزحف الموت الذي يدب ببطء كالسم الرعاف في أوصال مدينة متهالكة.
يؤم مصطافوالمنتجع السياحي شلالات عين أسردون وقت الحر ما جعل الموقع السياحي المتميز موئلا للائذين من قيظ الصيف لارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية تصل أحيانا 50 درجة، وتفاديا لمضاعفاتها، وفي غياب فضاءات أخرى تستقطب شباب المدينة يحتمي سكان المدينة بمياه المنتجع الطبيعي التي تضفي عليه رطوبة استثنائية تكون بردا وسلاما على كل المحرومين من السفر خارج مدينتهم لقضاء العطلة الصيفية بإحدى المدن الشاطئية.
يستعيد المنتجع حيويته كل صيف، لاستقباله زوارا من المدن الداخلية وكذا بعض السياح الأجانب، فضلا عن احتماء أبناء المدينة به من حر الهجير درءا للسعات الشمس اللافحة ولاستمتاع برذاذ شلالاته التي تتطاير مياهه فكل أرجاء المنتجع.
يعج منتجع عين أسردون بوفود الزوار الذين يختارون مواقع آمنة للاحتماء بظلال الأشجار الباسقة، التي تختزن في ذاكرتها أحداثا تاريخية تحكي عن تاريخ عين أسردون التي كانت مصدر صراع دموي بين القبائل المتناحرة على منبع الماء الذي يزرع الحياة في مدينة اقترن وجودها بمياه العين التي تتدفق دون كلل ودون أن تعرف الشرايين المائية التي تمدها بالماء عبر امتداد التاريخ.
يتسابق الأطفال وبعض الشباب لاحتلال مواقع داخل السواقي المتدفقة بالمياه الباردة التي خرجت لتوها من باطن الأرض لكن ما زالت تحتفظ ببرودتها التي تنعش أجسادهم المتهالكة بسبب الحرارة المفرطة التي تعتصر نفوس ساكنة المدينة التي تختنق صيفا إلى درجة أن ضحايا ” الصهد” يتكاثرون بفعل موجات الحراة التي تصل درجات قياسية.
فيما يفضل آخرون السباحة في القنوات المائية التي توفر للأراضي الفلاحية كميات الماء الخاصة بالسقي، لكن تسجل بين الفينة والأخرة حوادث غرق مؤلمة يروح ضحيتها شباب في مقتبل العمر تبتلعهم مياه السواقي لعدم إجادتهم السباحة فضلا عن غياب شروط الحماية وبطء تدخلات الإسعاف التي تحضر إلى عين المكان إلا بعد اختفاء جثت الغرقى في لجة المياه ،إذ بلغت حالات غرق عشر ما خلف استياء أسر الضحايا والمواطنين الذين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفا من تسجيل حالات غرق إضافية، علما أن المسبح الوحيد الذي يوجد بمدينة بني ملال لا يلبي تطلعات شباب المدينة فضلا عن الثمن المحدد لولوجه يحول دون ولوج كافة أبناء الشعب بسبب غلاء التذكرة.
ونظرا لأهمية الرطوبة وبرودة الظلال التي تغازل شعور كل زائر لمنتجع عين أسردون، تفتق دهاء مواطنين ومكنهم ذكاؤهم وحسهم التجاري، من توفير أمكنة مجاورة لمياه السواقي المنبجسة من عين أسردون، لاستقطاب كل الراغبين في الاستفادة من خدمات مؤدى عنها، تسمح للزبون استهلاك مشروبات أو شايا لاستعادة مزاجه المضطرب بفعل حرارة الشمس القاتلة.
يقول صاحب مقهى يستغل جنبات ساقية يتدفق ماؤها محدثا خريرا يدغدغ أحاسيس الزوار، إنه يحضر بعض الوجبات الخفيفة ليعرضها على زوار المنتجع الذين لا يترددون في الإقبال عليها، بسعر لا يتجاوز 100 درهم للاستمتاع ب”طاجين ملالي” يسيل لعاب كل من يتنذوقه.
وأضاف، أن إصرار بعض الشباب العاطل على البحث عن مصدر رزقه حول منتجع عين أسردون إلى فضاء غير منظم تؤثته مقاهي متنقلة، تعرض خدماتها ومنتوجاتها غير المراقبة إلى زوار المنتجع، وبالتالي انتعشت تجارة غير معلنة جراء الحاجة الملحة للزوار إلى وجبات سريعة، تغني ربات البيوت عن إعداد الأطباق التي أصبحت عبئا ثقيلا يطوق أعناقهن على امتداد السنة.
كما تستقبل طوابير فتيات اخترن منتجع عين أسردون فضاء لهن لاستقبال زائرات المنتجع لتخضيب راحاتهن وأكفهن بالحناء، ويقدمن خدمات فنية للاستمتاع بأشكال هندسية عجيبة تكشف عن موهبة وطاقة خلاقة دفينة.
تقول شابة تعرض أدوات خاصة لتخضيب الحناء، أنتظر حلول فصل الصيف لأعرض خدماتي على الفتيات والنساء الراغبات في نقش أيديهن بالحناء للتبرك بها وتوفير حاجياتي الشخصية فضلا عن مساعدة أسرتي على دوائر الزمان.